تنطط .. يتنطط .. تنطيطا .. فهو نطاط أو نطناط

أعمل في احدى الشركات التي يطلق عليها متعددة الجنسيات أو مالتي ناشيونال ،و ما تتميز به هذه الشركة أن بها مناخا مميزا فيمايتعلق بما يسمى بالتنطيط ، فما أن تتم ترقية أحدهم الى منصب ما في الشركة حتى يبدأ صاحبتنا أو صاحبتنا بالتنطيط على خلق ربنا ، فأن تدخل لكي توقع ورقة من مديرة فهذا شيء طبيعي لأنها الوحيدة صاحبة الحق في الامضاء، لكن أن تدخل و لا ترد عليك السيدة المديرة السلام أو الصباح و تمضي الورقة دون أن تنظر الى شخصك الضعيف ( هذا اذا لم تقل بعدين أو فوت بكرة) فهذا يسمى تنطيط لماذا ؟ لأنه لو دخل عليها مدير الشركة لقامت و وقفت على أصابعها لو أراد منها ذلك ، اذا أنت لست نطاطة خلقة أو بالفطرة ، أنت نطاطة على ناس و ناس.
الشاب اللي راكب عربية جامدة أو مش جامدة ، مسقط (منزل) الكرسي للآخر معتقدا أنه راكب سرير مش عربية ، و بيبص للعربيات اللي جنبه بطرف عينه أو بحركة من رقبته و يا أرض احفظي ما عليكي ، الشاب ده بيتنطط و لا هو كده؟ أنا باقول انه بيتنطط ، لأنه لو في شاب راكب عربية جامدة قوي و عدى من جنبه . أخونا هايتنفض من مكانه علشان يتفرج كويس .. يبقى أخونا نطاط ، طبعا غير ان لو واحدة أمورة معيدة جنبه هو كمان ، فممكن برده يتعدل في قعدته بدل النومة اللي هو نايمها علشان يبدي اعجابه و بحبك بحبك بالكلكس .. يبقى الأخ نطاط و لا مش ؟

تبقى واقف في اشارة مرور ، العسكري الغلبان واقف و موقف الناس بالعافية ، يطلع واحد ظريف و دمه خفيف و يكسر الاشارة ، علشان اللي واقف عسكري مش ظابط ، طبعا لو كان ظابط ( أو حتى أمين شرطة) مكانش صاحبنا يقدر يحط رجله على البنزين أساسا ، بس طبعا العسكري الغلبان مش مهم و اللي تعرف ديته اقتله ، و في واحد كمان بيتنطط أكثر و ممكن يكسر الاشارة لو ظابط واقف بس ده سوبر نطناط مش شاب عادي يعني و دول قلة مندسة وسط النطاطين .

بصراحة المناظر أو المشاهد التي ذكرتها أعلاه ربما تكون أكثر المناظر التي تجعلني أصاب بالتقزز و الغثيان من بعض الفئات في هذا المجتمع ، عشت لسنوات من عمري في احدى دول الخليج و رأيت كيف أن بعض مواطني دول الخليج يعتقدون أن الله الذي خلقهم لم يخلق غيرهم ، و اعتقدت أننا كمصريين لا يمكن أن توجد فينا هذه الصفة لأننا شعب طيب و قلبه كبير ، و لكن كلما نزلت الى الشارع أجد أنني ربما كنت ساذجا ، بل أحيانا أطير في الخيال في الواسع لأجد مصر عائمة على محيط من البترول و القشية بقت معدن ، لأجد ساعتها الناس لا يسلمون على بعضهم لأن المال قد أتى بالتنطيط معه ، هل هذا سيناريو واقعي أو أنه مجرد كابوس؟
لن أسرف في تحليل هذه الظواهر أو في التعرف على أسبابها فلربما قد سبقني الدكتور جلال أمين في كتابه الرائع ماذا حدث للمصريين ، و لكن نحن في حاجة ماسة لأن نسأل أنفسنا .. هل نحن نطناطين؟ هل يمكن لأن نكسر اشارة مرور أو نرتكب أي مخالفة أو خطأ لمجرد استخفافنا بالآخر ؟ هل سأل اي شخص منا ماذا سيكون الأثر النفسي للاستخفاف بعسكري المرور (و هذا مجرد مثال بسيط)؟
على الجانب الآخر ألم يجعل هذا البعض لمجرد أن انك اقتربت منه و هو يعبر الشارع يطلق عبارات مثل أيوه يا عم ما هي .... اللي جايبهالك ، أو اللي عاطاك يعطينا يا عم ، و ربما تجد نظرة الغضب و الحقد أحيانا في أعين هؤلاء ؟
في حديث شريف يقول فيه سيدنا النبي عليه الصلاة و السلام ( لا يدخل الجنة من كان في قلبة مثقال ذرة من كبر).

Comments

Anonymous said…
فعلان تلك الظاهرة منتشرة بكثرة في بلدنا الحبيب. ذكرت حالات تنطيط الناس على رجل الشرطة الغلبان و لكن لم تذكر تمرد رجل الشرطة(اشمعنا هو ميتنططش!) كنت واقف في إشارة مرور و فاتح نور العربية (حاجة طبيعية!) وإذ برجل الشرطة(بس مش غلبان فالموقف ده) بيقول لي و بكل تناكه "أطفي النور" !!! لما سألتو لماذا، رد رد في قمة السخافة "عشان واجعلي عيني" !!! ولما رفضت هددني بالمخالفة !!! وصل بينا الحال لتلك الدرجة من التنطيط ؟! ربنا يرحمنا من النطيطين و النطيطات، ولا حول ولا قوة إلا بالله !
My Corner said…
أحمد .. انت نهيت مقالك بالإجابة!! حديث رسولنا الحبيب!! للأسف إن معظم .. ممكن أقول فيه فئة من البشر لم تعد تهتم بتعاليم ديننا الحنيف مع إن "الدين المعاملة" مش بس الصلاة والصوم والزكاة !! ناس كتير مش فاهمة ده للأسف!! وكمان المشكلة إن إللى بيتعامل بالذوق إللى بتتكلم به ده بيُعتبر إنسان ضعيف ونظرة الناس له بتكون إنه ساذج ومش فاهم إزاى يتعامل فى الدنيا - آسفة لأنى بُيقال عنى كدة- بس أنا بحتسب ده عند الله!
أعتقد أنه رد الفعل الطبيعى لتسلط الدنيا والحياة ممثلة فى الحاكم والشرطى والمدير وصاحب العمل وصاحب المسكن على الإنسان العادى .. فيرد هذا الإنسان هذه الإهانات لكل من يعلوهم هو كالموظفين عنده مثلا .. أو كسائر من يمكنه التنطيط - بتعبيرك - عليهم .

أو هناك من فتحت عليه الدنيا بعد فقر ، فيعوض بهذا - التنطيط - ما كان قد أعطيه فى سالف الأيام .

أو طبقة أخرى - خصوصا الحاكمين والداخلية - تربوا على أنهم بشر وأن الباقى حشرات لا مانع أن تسحقها إن أردت .. فهو يمارس ساديته على خلق الله .

هذا ما أعتقد أنه السبب بعد تفكير طويل فى أمر هذه الظاهرة

Popular posts from this blog

عن البهائية و البهائيين أكتب

شيفرة دافنشي The Da Vinci Code

The first post.